ابو ظبي، المرصد، صحة
يستعد العالم لتدشين أكبر حملة تطعيم يشهدها التاريخ مع إعلان العديد من الدول حول العالم البدء في توزيع لقاحات كورونا المستجد (كوفيد-19)، فيما يتوقع أن تشمل اللقاحات حتى منتصف العام المقبل أكثر من نصف سكان الكوكب.
وأعلنت الصين وروسيا والولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا وفرنسا والمغرب وإندونيسيا عن بدء حملاتها لتطعيم سكانها، فيما حددت بريطانيا اليوم موعداً للبدء بحملتها.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن طرح لقاحات «كوفيد-19» سيسمح للعالم بالسيطرة التدريجية على المرض العام المقبل، حيث قال كبير خبراء الطوارئ بالمنظمة مايك رايان: «ستعود الحياة إلى طبيعتها، لكن سيتعين علينا الاستمرار في الحفاظ على النظافة الشخصية والتباعد الجسدي».
وعلق أخصائي طب الأسرة في وزارة الصحة ووقاية المجتمع الدكتور عادل سجواني، على ما يمكن وصفه بـ«القلق» من اللقاح، وقال: «تخضع عمليات اعتماد اللقاحات لمراحل عدة لضمان فاعليته أولاً، وضمان عدم حدوث أي آثار جانبية أو تقليلها للحد الأدنى ثانياً».
وأشار سجواني إلى أنه على الرغم من تسريع مراحل إنتاج اللقاحات عالمياً بحكم تفشي الوباء عالمياً، فإن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال تجاوز أي من المراحل المعتمدة.
وشدد على أن مسؤولية الأفراد في الحصول على اللقاح تتعدى المسؤولية الفردية وتمتد إلى المسؤولية المجتمعية والأسرية، حيث يشكل تحصين الفرد لنفسه درعاً يحمي أفراد أسرته وزملاءه، خصوصاً إن كان بينهم كبار سن، أو أصحاب أمراض مزمنة.
وأوضح أن الطريقة الوحيدة للقضاء على الفيروس هي بتشكيل مناعة مجتمعية تضمن تحصين ما لا يقل عن 70% من سكان أي دولة، وأكثر وسيلة آمنة لتحقيق ذلك تتم عبر توفير اللقاح، مؤكداً أن اللقاحات آمنة ولا تؤثر بأي شكل من الأشكال على الحمض الجيني أو الـ dna، مشيراً إلى أن اللقاحات أسهمت في القضاء على العديد من الأوبئة مثل الحصبة وشلل الأطفال وغيرها.
وتعد الصين أول دولة بدأت في تطبيق التلقيح الطارئ ضد فيروس كورونا، وذلك منذ يوليو الماضي، حيث بدأت في إعطاء جرعات من اللقاح التجريبي «سينوفارم» لبعض العاملين في المجال الطبي وموظفي الشركات المملوكة للدولة، فيما أكدت أنها تدرس توسيع نطاق التطعيمات لموظفي أسواق المواد الغذائية وأنظمة النقل وصناعات الخدمات.
بدورها، بدأت روسيا السبت الماضي حملة تلقيح واسعة النطاق في العاصمة موسكو، وشرعت بتوزيع جرعات من لقاح «سبوتنك-في» المضاد للفيروس على 70 مستشفى، وذلك في أول عملية تطعيم جماعي في روسيا.
ومنذ بداية ديسمبر الجاري أعلنت أكثر من دولة عن موعد لإطلاق حملات تطعيم ضد فيروس كورونا، حيث من المرتقب أن تبدأ بريطانيا اليوم الثلاثاء حملة لطرح لقاح «فايزر-بيونتيك» للوقاية من «كوفيد-19» مع إعطاء أولوية قصوى لتطعيم من تجاوزت أعمارهم 80 عاماً والعاملين في مجال الرعاية الصحية وموظفي دور الرعاية والمقيمين فيها.
وفي الولايات المتحدة، قال عضو اللجنة الاستشارية للقاحات التابعة لإدارة الغذاء والدواء الأميركية جيمس هيلدريث، السبت الماضي، إنه قد يتم البدء في تطعيم السكان في الولايات المتحدة باللقاح الذي طوره تحالف شركتي «فايزر-بيونتيك» ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) منتصف الشهر الجاري، وذلك في حال الحصول على ترخيص باستخدام اللقاح من جانب الإدارة.
من جهتها، حددت فرنسا موعد تدشين حملة التلقيح الأولى ضد فيروس كورونا المستجد بين شهري ديسمبر الجاري ويناير المقبل، والتي تستهدف الأشخاص الأكثر عرضة للفيروس، فيما سيتم توسيع نطاق حملة التلقيح الثانية التي حددت بين شهري أبريل ويونيو المقبلين.
وفي ألمانيا، تعتزم السلطات الصحية تطعيم الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، مطلع العام المقبل، فيما تبدأ إسبانيا في الثالث من يناير المقبل برنامج تطعيم يتضمن تحصين 80 مليون شخص باستخدام إجمالي 140 مليون جرعة.
وتسلمت إندونيسيا الأحد الماضي أول شحنة من لقاحات كورونا من الصين بلغت 1.2 مليون جرعة من لقاح شركة «سينوفاك بيوتيك» الصينية، استعداداً لإطلاق برنامج تطعيم جماعي، وبالمثل تسلمت المملكة المغربية في مطلع ديسمبر الجاري الدفعة الأولى من لقاح كورونا الصيني، والتي تضمنت مليون جرعة لتُعمم كمرحلة أولى على العاملين بالصفوف الأولى بالمملكة، ولاحقاً وبشكل تدريجي على بقية المواطنين.
وتخضع عملية اعتماد اللقاح لمسار علمي ثابت يعتمد على تتبع النتائج التي تظهرها المختبرات بشكل دوري، وتبدأ بالمتطوعين في فئات صغيرة قبل توسيع دائرة المتطوعين، والمحافظة على المتابعة الدورية للنتائج مختبرياً.
وعلى الرغم من تسريع خطوات إنتاج اللقاحات عالمياً فإنها حافظت على تلك المراحل، وقد انتقل العديد من الدول حول العالم بعد تجاوز مرحلة التجارب السريرية إلى إجازة استخدام اللقاحات لحالات الطوارئ والعاملين في الصفوف الأمامية، وهي الخطوة التي تسبق تعميم استخدام اللقاح وإتاحته للجميع.