ملتقى عيال زايد يبحث مع الخبراء التمكين في مقابل التوظيف لمعالجة البطالة

استضاف ملتقى عيال زايد حلقة نقاشية تحت عنوان ”التوطين والواجب الوطني” في حضور نخبة من المسئولين والخبراء.

أبوظبي: المرصد – أشرف جابر
قضية التوطين واحد من أبرزالمحاور المركزية لحكومة الإمارات العربية المتحدة، ولم تدخرْ الدولة أي جهود للنهوض بهذه القضية ووضعها في مكانها الذي تستحق، وسخرت الإمكانات التي أسهمت في وضع برامج تحقق غايات التوطين، وبالفعل زادت نسبة التوطين في المؤسسات الحكومية عن ذي قبل. ولكن يرى البعض أن النتائج التي تحققت حتى الآن غيرُ كافية وخصوصاً في القطاع الخاص .

وحول تلك القضية، استضاف ملتقى عيال زايد حلقة نقاشية تحت عنوان ”التوطين والواجب الوطني” في حضور نخبة من المسئولين والخبراء، وكان من أبرز المتحدثين: سعادة سالم علي النار الشحي، العضو السابق بالمجلس الوطني الاتحادي، وسعادة الدكتور نجيب الشامسي، المستشار الاقتصادي ومدير عام “المسار للدراسات الاقتصادية والنشر” وسعادة الدكتور أحمد آل سودين، رئيس المنظمة العربية الأفريقية للاستثمار والتطوير العقاري. وأدار الحلقة النقاشية الكاتب الصحفي عاطف البطل، بحضور الفريق الإعلامي بقيادة الدكتورة أمينة الماجد .

الدكتور نجيب الشامسي: ضرورة معالجة جذور البطالة لتلافي تداعياتها

د. نجيب الشامسي

اشتملت الحلقة النقاشية على عدة محاور حيث تحدث الدكتور نجيب الشامسي عن “التوطين في المؤسسات الحكومية والخاصة” فأشار إلى أن البطالة والتي أصبحت ظاهرة عالمية لا تمس مجتمع بعينه، ولكن الدول المتقدمة بفعل سياساتها استطاعت أن تحاصر هذه الظاهرة إلى حد ما، أما في مجتمعاتنا، فقد تجاوزت الحد .

وأضاف أن العجز في الموازنة وتراجع معدلات الإنفاق شكل خطرا حقيقياً على الأوضاع الاقتصادية، مما يعرض دولنا للعنف والتطرف.

وأعرب الشامسي عن ثقته بتحرك المؤسسات والأجهزة المعنية في الإمارات باتجاه معالجة جذور وأسباب ظاهرة البطالة؛ لأن البطالة لها إفرازات وتداعيات تهدد مكتسبات الدول .

وفي سياق المقارنة بين البطالة في الإمارات وفي الدول الأخرى، أشار “الشامسي ”إلى ضرورة الانتباه لارتفاع معدلات البطالة والتعامل مع انعكاساتها الوخيمة”.

وقال: فيما يخص دولة الإمارات فقد تزايدت المعدلات بشكل كبير فبعد أن كانت لاتتجاوز 6.3٪؜في عام 1995، بلغت في عام 1999  إلى نحو 16.3٪؜ أي بزيادة بلغت 10٪؜ خلال فترة زمنية لم تتجاوز الخمس سنوات؛ لذلك يجب على المؤسسات المحلية والاتحادية التعاون من أجل وضع حلول جذرية ومعالجات ناجعة لها .

وأضاف الشامسي، أن عولمة الاقتصاد والانفتاح وتنفيذ قوانين الاستثمار الأجنبي يستوجب تدخل الدولة لمعالجة معدلات البطالة الوافدة المقيمة أو الوافدة المستوردة .

وفي سياق الحديث عن أعداد الموطنين الذي يشغلون وظائف معينة؛ أوضح الدكتور نجيب الشامسي، المستشار الاقتصادي ومدير عام “المسار للدراسات الاقتصادية والنشر” بأن عدد المواطنين العاملين في القطاع الحكومي و المؤسسات الاتحادية والدوائر والهيئات المحلية”  168 ألف مواطن وبنسبة 42%، أما عدد غير المواطنين العاملين في القطاع الحكومي 236000 ألفا وبنسبة بلغت  58%. وبلغ عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص 25000 مواطن وبنسبة ضئيلة جداً لا تتجاوز 3% مقابل خمسة ملايين من العمالة غير المواطنة بما فيها العمالة المنزلية.

أما في القطاع المصرفي بما فيه المصارف التجارية وعددها 48 مصرفاً و743 فرعاً، منها 21 مصرفا وطنيا لها 664 فرعا و27 مصرفا أجنبيا لها 79 فرعا فيما بلغ عدد بنوك الاعمال 11 مصرفا ومحلات الصرافة 118 فيما بلغ عدد شركات التمويل 22 شركة ومكاتب التمثيل 98 مكتباً؛ فقد بلغ عدد المواطنين فيها عن 9420 مواطن حتى يونيو 2019 وفي درجات وظيفية متفاوتة بالرغم من أن القطاع المصرفي التجاري هو القطاع الأكبر بالنسبة للقطاعات المؤلفة للقطاع الخاص .

وفي قطاع شركات التأمين: لا تتجاوز نسبة المواطنين العاملين فيه عن 1% من أعداد العاملين في شركات التأمين حيث لا يتجاوز عدد المواطنين عن 100 عامل مواطن .

وحول التداعيات والانعكاسات التي تسببها البطالة، أشار الشامسي إلى عدة تداعيات منها،  تداعيات اجتماعية مثل تأخر سن الزواج والخلافات الأسرية، وتداعيات أمنية ومنها ارتفاع معدلات الجريمة وتعاطي الخمور والمخدرات بكل أنواعها وتراجع مستوى القيم الأخلاقية في المجتمع، وبالطبع سيكون هناك شكل من أشكال التطرف والارتماء في أحضان الجماعات الخارجة على القانون  نظراً للاحتياج  المادي .

والجدير بالذكر أن دولة الإمارات تبذل جهوداً علمية ومتشعبة لتحجيم البطالة وتقديم الدعم للمواطنين لتلافي أي من الآثار المترتبة على البطالة، وما لا يؤثر على مستوى الرفاه الذي تتسم به الحياة في البلاد.

سالم النار الشحي: الأمان الوظيفي يساعد على جودة العمل والتطوير الآداء

أما عن المحور الثاني وهو الخاص بالتحديات التي تواجه التوطين. فقدتحدث عنه سعادة سالم النار الشحي، العضو السابق بالمجلس الوطني الاتحادي.

حيث أشار في البداية إلى أن ”قيادتنا الحكيمة نادت وتنادي دائما بالتوطين وتصريحات بعض المسؤولين دائما تشجع على التوطين، لكن هل التشريعات الموجودة للتوطين تتوافق مع التشريعات الاتحادية بخصوص التوطين، هل هي تراعي الحالة النفسية والاجتماعية للمواطن؟ فهذا يحتاج إلى إعادة نظر .

وذكر بأنه علينا النظر لموضوع التوطين من خلال الواقع الحقيقي لأنه يمس جميع شرائح المجتمع مهما كانت الشهادات والدرجات العلمية، فالباحث عن العمل يصطدم بعدم المصداقية وخاصة في معارض التوظيف .

وعلى ذلك فإن البحث عن حل للتوطين يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التشريعات الموجودة وهل هي تتوافق مع التشريعات الاتحادية ومصلحة المواطن أم لا؟ فعدم وجود قانون ملزم يساعد على التوطين يمثل تحديا أيضاً، ولا ينبغي ترك الموضوع لمبادرة من هنا أو هناك .

ويضاف إلى ما سبق وجود أعداد من الخريجين المواطنين في بعض إمارات الدولة يجتهدون للحصول على فرصة عمل في هذه الإمارات؛ لذلك أقول علينا أن ندرس احتياجات المواطن وعاداته .

ومن التحديات التي تواجه التوطين أيضا بعض الأشخاص الذين ينتمون للموارد البشرية ولا يتحلون بالحس الوطني ولا المصداقية وإنما هو استعراض فقط؛ لذلك يجب أن يكون هناك محاسبة لقسم الموارد البشرية المسؤول الأول عن التعيينات وفي حال تم تشغيل موظف براتب غير كافٍ أعتقد يجب أن تتولى أحد الجهات التعويض أو الإمداد .

وذكر الشحي أن أهم التحديات التي تواجه التوطين هو وجود عوائق ومتطلبات مثل اشتراط وجود خبرة معينة والتي أراها لا داعي لها مع المواطن، فمن أين يأتي المواطن الخريج الجديد بهذه الخبرة؟

أكد على أنه يريد التمكين وليس مجرد التوظيف، كما أشار إلى أن الأمان الوظيفي هو الذي يساعد على جودة العمل و تطوير الأداء و الإبداع و الابتكار ، كما دعا إلى الاهتمام بالمصداقية و عدم ترك المواطن ليكون الحلقة الأضعف ، وإنما علينا أن نهتم  بالموظف وتغليب الحس الوطني والمصلحة العامة على الخاصة في جميع الظروف والأحوال .

أحمد آل سودين: المقترحات والحلول

د. أحمد آل سودين

أما عن المحور الثالث، والذي حمل عنوان “المقترحات والحلول” وتحدث عنه سعادة الدكتور أحمد آل سودين، الذي يرى أن قضية التوطين قضية مهمة، ولا يجب أن تترك هكذا وإنما علينا وضع مقترحات وحلول واقعية لعلها تسهم بشكل أو بآخر في معالجة هذه القضية. وذكر آل سودين عدة مقترحات وحلول يمكن تنفيذها، وهي: إشراك القطاع الخاص فيما يُصدر من قوانين؛ كي يتلزم بها، فهو شريك رئيس للقطاع الحكومي وفيه فرص عمل أضعاف ما يوجد في القطاع الحكومي .

وكذلك زيادة التعاون بين وزارة التوطين والموارد البشرية والقطاع الخاص عن طريق تبادل البيانات والمعلومات المتعلقة بموضوع التوطين .وعمل قاعدة بيانات تضم جميع المعلومات المتعلقة بالخريجين المواطنين؛ ضمانا لتوظيفهم آليا بالتنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص. مع البدء في وضع جدول رواتب موحد لجميع الدوائر المحلية والاتحادية يراعي غلاء المعيشة في الأماكن ذات الصلة.

ودعا آل سودين لعمل صندوق تكون مهمته أمرين: تعويض المواطن الذي فقد وظيفته رغماً عنه وتقديم راتب بسيط للمواطن الذي تخرج في الجامعة حتى يحصل على وظيفة.

مضيفاً ضرورة إسهام الحكومة في عملية التوطين في القطاع الخاص بشكل أو بآخر، فقد تقدم الحكومة دعماً مادياً للقطاع الخاص وخصوصا للشركات الصغيرة، أو تقوم الحكومة بإسناد المناقصات والأعمال بشكل مباشر لبعض الشركات الخاصة.

وشجع الدكتور أحمد آل سودين على إعداد نخب وطنية تتابع قضية التوطين بشكل مستمر، اعتماداً على البيانات المحدثة أولاً بأول.

وقد اتفق المتحدثون جميعهم على مصطلح التمكين، تمكين المواطن والحرص عليه وتدريبه بشكل مستمر ليكون عنصراً فاعلاً مميزاً، نافعاً لوطنه، مع الوضع في الحسبان بأنه لا مجاملة لأحد سواء كان مواطناً أم مقيماً على حساب الوطن ليعلو الوطن بسواعد أبنائه المخلصين .